بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خواتم مباركة للجميع.
حذرنا مرارا وتكرارا من أن موجة الانفصال ستعقبها موجات أكثر تدعو للانفصال والتقسيم والتشرذم.
ومن يتحمل هذه الموجات هم القابعون خلف قصور صنعاء المسكينة، تلك المدينة التي يوما ما منارة للعلم والحضارة والثقافة، فحولوها إلى جحور الثعابين ووكر الثعالب ويسمع فيها خبث الضباع، وأصبح كل من في البلاد يمقتها لا ذنب لها إلا أن هؤلاء يحكمونها فشووها.
سياسة هؤلاء الخبيثة تجاه باقي المحافظات هي سياسة الإقصاء والتهميش والسلب والنهب والفيد، واستغلال ثروات المحافظات وشطفها وجعلها تصب في مستنقعات حساباتهم الآسنة خارج اليمن الجريح المنهوش المكلوم المنهك الأسير المهموم الطريد والمظلوم.
هذه السياسات هي التي أفرزت موجات الانفصال التي بتنا نلاحظها في مختلف أنحاء الجمهورية، الحراك الجنوبي الداعي لاستعادة جمهورية اليمن الديموقراطية، أنصار الله في صعدة، والحراك التهامي الداعي لتأسيس جمهورية تهامة الحرة، وجمهورية تعز الاتحادية، وحركة تجمع الحضارم الأحرار والعصبة الحضرمية الداعيان إلى إنشاء دولة حضرموت العربية المتحدة، وهناك محاولات خجولة لانشاء حراكيات داعية لدولة المهرة، ودولة عدن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي ظل غياب الأمن وتسلط نظام القبيلة ووجاهة الأحزاب على سلطة القانون، وانتشار المحسوبية في المفاصل الإدارية والأمنية وانتشار الرشاوي فيهنا، وفي ظل انعدام هيبة الدولة اعتلى الهمجيون على مقومات للدولة فيقطعون الكهرباء ويفجرون أنابيب الطاقة ويختطفون الأجانب من أجل ابتزاز الدولة، ضاعت الحقوق والمواطنة العادلة في اليمن وضاعت أية مقومات كفيلة لتحقيق ولو ذرة من الدولة القوية التي تردع المخالفين وتوقف جشع التجار.
كل تلك الأسباب أراها كفيلة جدا لبروز ظاهرة موجات الانفصال، كفيلة بأن تجعل حبات العقيق المزمرد الملألئ تتساقط حبة بعد حبة، وما زال أبناء اليمن في كل مخاليفه يتصارعون، حتى في حوارهم الوطني يتشاتمون يتصارعون يتلاطمون، والعالم يشاهد هذه المهازل ويرى ويضحك، والغريب أنه في هذه الموجات نرى تصارعات داهلها كل يريد الاستفراد لينال حظه من الشهرة، والله المستعان.
والأنكى أن نتغافل عن مشاكل وطننا وهمومه لنتشاغل بمشاكل بلد آخر يزعق ويصرخ لو تدخل أحد في شؤونه الداخلية، بل وصل بإحدى مذيعاته ذات التاريخ الساقط أن تتهم السيدة توكل كرمان في شرفها فقط لأنها ذهبت إلى بلدها ووقفت مع الطرف الآخر، ولم يتحرك يمني واخد يدافع عن شرف توكل فضلا عنها، وكأنما اليمنييون استساغوا أن تهان كرامتهم ويسخر منهم في الإعلام العربي وتتهم بناته في شرفهم، ونحن في غينا وسعينا للدنيا لا نبالي.
والمخطط للتشرذم إت لا محالة إن لم نفق ونقطع الطريق عليهم، ونؤسس دولة قائمة على أسس العدل والحقوق المتساوية والتوزيع العادل للثروات، ونعطي كل ذي حق حقه في أن يعيش بكرامة وأمن وآمان ورخاء، يبني وطنه ويزرع أرضه ويستخرج كنوزها وةرواتها لتكون مصدر عزا له ولمن بعده.
أفيقوا يا بني وطني أفيقوا، وتذكروا قول الله تعالى: (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ))، وقوله تعالى: (( فلا تنازعوا وتفشلوا فتذهب ريحكم )).
الفجر وإن طال دهرا وتساوت وجوه الفساد، فانبلاج الصبح آت لا محالة ليرمس تلك الوجوه.
محمد صالح بن بريك
جامع الرجحي، جدة