ثورة 26 سبتمبر أو حرب اليمن أو حرب شمال اليمن الأهلية هي ثورة قامت ضد المملكة المتوكلية اليمنية في شمال اليمن عام 1962 وقامت خلالها حرب أهلية بين الموالين للمملكة المتوكلية وبين المواليين للجمهوريّة العربية اليمنية واستمرت الحرب ثمان سنوات (1962 - 1970). وقد سيطرت الفصائل الجمهورية على الحكم في نهاية الحرب وانتهت المملكة وقامت الجمهورية العربية اليمنية. بدأت الحرب عقب إنقلاب المشير عبد الله السلال على الإمام محمد البدر حميد الدين وإعلانه قيام الجمهورية في اليمن. هرب الإمام إلى السعودية وبدأ بالثورة المضادة من هناك.
تلقى الإمام البدر وأنصاره الدعم من السعودية والأردن وبريطانيا وتلقى الجمهوريين الدعم من مصر جمال عبد الناصر. وقد جرت معارك الحرب الضارية في المدن والأماكن الريفية، وشارك فيها أفراد أجانب غير نظاميين فضلاً عن الجيوش التقليدية النظامية.
أرسل جمال عبد الناصر مايقارب 70,000 جندي مصري وعلى الرغم من الجهود العسكرية والدبلوماسية، وصلت الحرب إلى طريق مسدودة وإستنزفت السعودية بدعمها المتواصل للإمام طاقة الجيش المصري وأثرت على مستواه في حرب 1967 وأدرك جمال صعوبة إبقاء الجيش المصري في اليمن.
إنتهت المعارك بإنتصار الجمهوريين وفكهم الحصار الملكي على صنعاء في فبراير 1968 [9] وسبقها أيضاً انسحاب بريطانيا من اتحاد الجنوب العربي الذي كان يضم محميتها في عدن عام 1967.
مقدمة
الامام احمد
حكمت سلالة الزيديين اليمن لمدة تزيد عن 1100 سنة. وقد بدأ هذا الحكم عندما ذهب اليمنيون إلى المدينة المنورة سنة 284 هـ لمبايعة الهادي يحيى بن الحسين إماماً لليمن بعد أن انتشرت فيه دعوة القرامطة والإسماعيلية. وقد تعهد الإمام بتحكيم شرع الله وسنة رسوله والمساواة بين جميع اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وأصولهم. ولكن خلفاء الإمام لم يلتزموا بذلك وميزوا أنفسهم عن بقية الشعب على أنهم السلالة الهاشمية الحاكمة. وضمن الأئمة حكم اليمن بإثارة الخلافات والمشاحنات بين القبائل،[10] وكان ذلك من أسباب الانقلابات التي تتابعت على اليمن في منتصف القرن العشرين. وكان من بين هذه الأسباب أيضاً أن اليمن الشمالي كان معزولاً عن التطور والتحديث. فقد قال الدكتور عبد الرحمن البيضاني أنه "كان يوجد في اليمن عام 1950 ثلاثة صحف تصل من عدن بالجنوب الغربي، التي كانت تحت الإدارة البريطانية، ولا توجد كهرباء في صنعاء ويوجد عدد ثلاثة أجهزة راديو بحوزة الإمام أحمد، البدر ولي العهد والقاضي أحمد الحضراني".[10] وقد وقع أول هذه الانقلابات عام 1948 الذي قام به عبد الله الوزير وانتهى بفشله.[11] ويعرف باسم ثورة الدستور.
وفي 31 مارس عام 1955، حدث انقلاب قام به المقدم أحمد يحيى الثلايا. وقد قام المقدم أحمد بقيادة فرقة من الجنود لمحاصرة الإمام في قصره في مدينة تعز. وطالبوا الإمام تسليم نفسه وهو ما حدث. وقد اختلف قادة الانقلاب فيما بينهم على مصير الإمام. فبعضهم اقترح قتله. والبعض الآخر اقترح أن يستبدل بأخيه الأمير سيف الله عبد الله. وفي أثناء ذلك قام الإمام بفتح خزائن قصره واشترى جنود الثلايا. كما قامت سيدات الأسرة المالكة بقص شعورهن ووضعوها في أظرف وأرسلوها إلى القبائل وكتبوا لهم "يا غارة الله بنات النبي" أي أنهن بنات الرسول من الأسرة الهاشمية. فهجمت القبائل على تعز وفشل الانقلاب.[10]
وفي صيف عام 1959، سافر الإمام أحمد إلى روما للعلاج من التهاب المفاصل الرثياني. فاعتقد البدر أنها نهاية أبوه. فقام بإنشاء مجلس نيابي برئاسة أحد أبناء الشعب وهو القاضي أحمد الصياغي. كما قام بإلقاء خطاب ناري ضد الإمام في احتفال للجيش اليمني الوليد. فثار الهاشميون ضد البدر مما دفعه للاستعانة بالقبائل لإخماد ثورتهم. ورغم أن عيون البدر في روما تخبره أن أبوه يحتضر. إلا أن الإمام أحمد أفاق من مرضه ورجع إلى اليمن وقام بإلغاء كل ما قام به البدر من إصلاحات. كما أمر باسترجاع الأموال والسلاح التي أعطاها البدر للقبائل التي أيدته في الإصلاحات. وهرب شيوخ القبائل إلى السعودية ولكن الملك سعود بن عبد العزيز ضمنهم عند الإمام أحمد. ولما رجعوا، أعطاهم الإمام لابنه البدر فقام بذبحهم ترضية لأبيه. وكانت هذه الحادثة دليلاً للذين عقدوا الآمال على البدر أنه لا يختلف كثيراً عمن سبقوه.
وعندما قتل الإمام أحمد في 19 سبتمبر عام 1962 على أيدي الثوار ،[12] خلفه ابنه الإمام البدر في الحكم. وكان قرار تعيين عبد الله السلال قائداً للحرس الملكي من أولى القرارات التي اتخذها الإمام.
أحداث سنة 1962
التخطيط
أدرك اليمنيون منذ البداية أنه يجب الاعتماد على ضباط عسكريين للقيام بالإطاحة بحكم الإمام ثم يُدعمون بالقبائل بعد ذلك.[13] وعلى الرغم من ذلك فإن العقل المدبر للانقلاب كان مدنياً وهو الدكتور عبد الرحمن البيضاني الذي كان يعتقد بضرورة وجود خمسة ركائز أساسية للقيام بثورة في اليمن وهي:[10]
الجيش الذي سيقوم بالانقلاب.
بناء ميناء الحديدة لاستيراد الأسلحة الثقيلة التي تختلف عن الأسلحة الموجودة في أيدي القبائل.
إنشاء طريق بين الحديدة وصنعاء لضمان الوصول للعاصمة سريعاً لحمايتها.
دولة تساند الثورة.
إعلام قادر على التبشير بمبادئ الثورة.
وفي سنة 1962، كانت هناك نواة للجيش كما تم بناء ميناء الحديدة وشُق الطريق بين الميناء وصنعاء وبُنيت الإذاعة في الأخيرة وبقي فقط الدعم الدولي.
تم وضع خطة الانقلاب في مدينة جرمش بألمانيا (بالألمانية: Garmisch-Partenkirchen) عندما أجتمع البيضاني وعبد الغني مطهر.[10] ثم بعد ذلك سافر البيضاني إلى القاهرة لعرض الخطة على المسؤولين المصريين هناك وكان من ضمنهم أنور السادات، صلاح نصر مدير المخابرات العامة ونائبه علي سليمان والرئيس المصري جمال عبد الناصر. وكان يصاحب البيضاني في بعض هذه اللقاءات محمد قائد سيف الذي شارك في انقلاب سنة 1948 الذي قاده عبد الله الوزير. ورغم تردد عبد الناصر في بداية الأمر، إلا أنه وافق على دعم الأحرار اليمنيين.
وكانت خطة الثورة مقسمة على ثلاثة خلايا: الأولى في تعز حيث يقيم الإمام أحمد والثانية في العاصمة صنعاء والثالثة في الحديدة حيث يوجد الميناء. وكانت بداية الخطة من تعز حيث يوجد 800 جندي منهم 530 مجندين لصالح الأحرار وكان من ضمن قادة أفرع الجيش المجندين أيضاً قائد المدرعات وقائد المدفعية.[10] وكانت تنقص خلية تعز بعض الأسلحة فقام عبد الغني مطهر بنقلها لهم من صنعاء. وكانت على خلية تعز القيام باغتيال الإمام أحمد داخل قصره وهو ما حدث على يد محمد العلفي وعبد الله اللقية.[13]
وبعد أن تنتهي مهمة تعز تبدأ مهمة صنعاء، وكانت الخطة تقتضي بأن يعلن قادة الخلية هناك إدانتهم للانقلاب في تعز ثم يستدركون البدر ولي العهد والشخصيات الهامة خارج مقارهم للتخلص منهم أوالتحفظ عليهم بدون مشقة القتال مع حرسهم الخاص مستغلين صفاتهم الرسمية فعلى سبيل المثال كان عبد الله السلال قائد الحرس الإمامي. وكانت حادثة اغتيال يحيى محمد عباس رئيس الاستئناف خير مثال.[13]
وكان من ضمن مهام خلية صنعاء أيضاً احتلال الإذاعة وكانت هذه المهمة بقيادة العقيد حسن العمري نائب وزير المواصلات ومدير اللاسلكي. وكان يجب عليهم إما احتلالها أو تدميرها لأنه كان يوجد هناك إذاعة أخرى في أسوان. فإذا بقت إذاعة صنعاء تحت سيطرة الملكيين أصبح هناك محطتين للإذاعة.[10] ثم تبدأ بعد ذلك مهمة الحديدة التي يقودها العميد حمود الجيفي وكان عليهم تأمين الميناء لوصول القوات المصرية.
التنفيذ
عندما قتل الإمام أحمد في 19 سبتمبر عام 1962 على أيدي الثوار، خلفه ابنه الإمام بدر. وفي هذه الأثناء، تناقش ضباط الجيش إذا كان هذا هو الوقت المناسب للقيام بالانقلاب أو الانتظار حتى عودة الأمير الحسن من الخارج للقبض عليهما معاً في وقت واحد.
ولكن العقيد عبد الله السلال قرر التحرك وأمر بإعلان حالة التأهب القصوى في الكلية الحربية في صنعاء وفتح جميع مستودعات الأسلحة وتوزيعها على كل الضباط الصغار والجنود. وفي مساء 25 سبتمبر، جمع عبد الله السلال القادة المعروفين في الحركة القومية اليمنية والضباط الذين تعاطفوا معها أو شاركوا في محاولة انقلاب الثلايا عام 1955.[10][14] وكان كل ضابط وكل خلية بانتظار تلقي الأوامر وبدء التحرك بمجرد بدء قصف قصر الإمام بدر. وتضمنت الأماكن الهامة التي يجب تأمينها قصر البشائر (قصر الإمام)؛ قصر الوصول (قصر استقبال الشخصيات الهامة)؛ الإذاعة؛ الاتصالات التليفونية؛ قصر السلاح (مخزن السلاح الرئيسي)؛ ومقرات الأمن الداخلي والمخابرات. وتم تنفيذ الثورة بواسطة 13 دبابة من اللواء بدر، 6 عربات مصفحة، مدفعين متحركين، ومدفعين مضادين للطائرات. وكانت الكلية الحربية هي مقر القيادة والسيطرة على القوات التي تقوم بالانقلاب.[15]
توجهت وحدة من الضباط الثوريين مصحوبة بالدبابات إلى قصر البشائر. وقاموا باستخدام مكبرات الصوت لدعوة الحرس الملكي للتضامن القبلي وتسليم الإمام بدر الذي تقرر إرساله للمنفى بسلام. ولكن الحرس الملكي رفض الاستسلام وفتح النار على وحدة الضباط، مما دفع الثوريين إلى الرد بقذائف المدافع والدبابات. حيث كانوا قد قرروا استخدام الدبابات والمدفعية منذ البداية.
وقد استمرت معركة القصر حتى استسلم الحرس الملكي في صباح اليوم التالي. وكانت الإذاعة قد سقطت منذ البداية بعد مقتل ضابط ملكي واحد وانهيار المقاومة. أما مخزن السلاح فكان أسهلها، فكان يكفي أمر مكتوب من العقيد السلال[12] لفتح المنشأة ثم تنحية الملكيين منها وتأمين البنادق، المدفعية والذخيرة. وقد سقطت الاتصالات التليفونية أيضاً بدون أي مقاومة. وفي قصر الوصول، فقد ظلت الوحدات الثورية آمنه تحت ستار حماية وتأمين الدبلوماسيين والشخصيات الهامة التي جاءت لتبارك لولي العهد الجديد.
وفي صباح 26 سبتمبر، تم تأمين كل المناطق في صنعاء وأعلنت الإذاعة أنه قد تمت الإطاحة بالإمام بدر وحلت محله حكومة ثورية جديدة. ثم بدأت الوحدات الثورية في مدن تعز، حجة، وميناء الحديدة تأمين ترسانات السفن، المطارات ومنشآت الميناء. وكان عهد الإمام أحمد عهد معارضة وثورات، وقد تعرض الإمام إلى 12 محاولة اغتيال، منها محاولة فاشلة لاغتياله وهو على فراش الموت. وما كانت الثورة التي قام بها الضباط عبد الله السلال وعبد الرحمن البيضاني والدكتور محسن العيني إلا تركيز النشاطات الثورية في جهد منظم واحد للإطاحة بحكم الإمام. وقد كان قائد المجموعة، السلال، متأثراً بقراءاته عن الثورة الفرنسية وكتاب عبد الناصر "فلسفة الثورة".
توابع الانقلاب
خريطة توضح محافظات اليمن.
لم يُشارك البيضاني - وهو مثقف يحمل درجة الدكتوراه - رؤية عبد الناصر على الرغم من أنه كان يريد خلق جمهورية على أرض اليمن ولكن بدون انتهاج الخط الناصري، وهو الخط الذي اختاره عبد الله السلال. وقد حدثت منافسه بين الإثنين انتهت لصالح السلال. وفي 28 سبتمبر، أعلنت الإذاعة موت الإمام بدر على الرغم من إنه كان لا يزال على قيد الحياة. وفي هذه الأثناء، غادر الإمام العاصمة صنعاء وهرب إلى مدينة حجة في الشمال وكان ينوي أن يفعل ما فعله أجداده من قبل: الاستنجاد بالقبائل في الشمال وفي جبال حضرموت وشن حرب لاستعادة العاصمة. وفي 30 سبتمبر، وصل العميد المصري علي عبد الخبير[16][17] على متن الطائرة لتقييم الموقف وتقدير احتياجات مجلس قيادة الثورة اليمني. وعلى الفور تقرر إرسال كتيبة قوات الصاعقة المصرية، وكانت مهمتها العمل على حراسة العقيد عبد الله السلال، ووصلت هذه الكتيبة إلى مدينة الحديدة في 5 أكتوبر.
وكان أنور السادات يعتقد أن لواء مدعوم بالطائرات يمكنه تأمين السلال ومجموعة الضباط الأحرار اليمنيين.[18] ولكن تسارعت الأحداث وقامت السعودية - التي كانت تخشى المد الناصري - بإرسال قوات إلى الحدود اليمنية. وأرسل ملك الأردن رئيس أركان جيشه إلى الأمير حسن لإجراء مباحثات. وفي الأيام الممتدة بين 2 و 8 أكتوبر، غادرت أربع طائرات شحن سعودية محملة بالسلاح لإرساله إلى القبائل اليمنية الموالية للإمام. ولكن الطيارون اتجهوا إلى مدينة أسوان المصرية.[19] وقد أعلن سفراء ألمانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، والأردن، دعمهم لنظام الإمام بينما أعلنت مصر، إيطاليا، وتشكوسلوفاكيا، دعمها للثورة الجمهورية.
الدوافع الإستراتيجية المصرية
خريطة طبوغرافية للبحر الأحمر والدول المحيطة به.
ذكر السير أنتوني نتنغ (بالإنجليزية: Sir Anthony Nutting) في كتاباته عن سيرة حياة عبد الناصر عوامل عديدة دفعت الرئيس المصري لإرسال قوات مصرية إلى اليمن. ومن بين هذه الأسباب كان انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961[18] مما يعني أن هذه الجمهورية التي قامت عام 1958 لم تدم سوى 43 شهراً فقط. وكان عبد الناصر يريد استرجاع هيبته بعد انفصال سوريا. وكان انتصار عسكري سريع وحاسم يمكن أن يرجع له قيادته للعالم العربي. وكانت لعبد الناصر سمعته المعروفة كمعادي للاستعمار وكان يريد طرد البريطانيين[20] من جنوب اليمن ومن ميناء عدن الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب.
ويظهر كتاب دانا آدمز شميدت (بالإنجليزية: Dana Adams Schmidt) - "اليمن، الحرب المجهولة" - أن عبد الناصر كان ينوي في البداية انتظار سقوط الإمام أحمد والعمل مع الإمام بدر. ولكن كانت العلاقات العدائية بين عبد الناصر والإمام العجوز واضحة في شعر كتب بواسطة الإمام هاجم فيه الاشتراكية[21] عام 1961. ورد عبد الناصر عليه بواسطة إذاعة صوت العرب. ولكن الكتاب الذي يمكن أن يكون قد وضح الأسباب والدوافع التي جعلت عبد الناصر يرسل القوات المصرية إلى اليمن هو كتاب اللواء محمود عادل أحمد الذي نُشر عام 1992 واسمه "ذكريات حرب اليمن 1962-1967". ويوضح الكاتب أنه في 29 سبتمبر تم مناقشة القرار في مجلس قيادة الثورة. وقد اعتقد المجلس أنه من الضروري إرسال قوات مصرية لردع الممالك العربية التي تحاول إجهاض الانقلاب اليمني، وخصوصاً المملكة العربية السعودية.[15]
وكتب المؤرخ السياسي والصديق المقرب من عبد الناصر - محمد حسنين هيكل - في كتاب "لمصر لا لعبد الناصر"، أنه قد تناقش مع عبد الناصر في موضوع دعم الانقلاب في اليمن وكانت وجهة نظره أن وضع ثورة السلال لا يمكنها من احتواء العدد الكبير من القوات المصرية التي سترسل إلى اليمن لدعم نظامه. وإنه من الأفضل التفكير في إرسال متطوعين عرب من جميع أنحاء العالم العربي للقتال بجانب القوات الجمهورية اليمنية. وقد ضرب هيكل مثال الحرب الأهلية الإسبانية للتطبيق في اليمن. ولكن عبد الناصر رفض وجهة نظره وكان مصراً على ضرورة حماية الحركة القومية العربية.[18] وكان عبد الناصر يعتقد أن لواء من القوات الخاصة المصرية مصحوباً بسرب من القاذفات المقاتلة يمكنه أن يحمي الجمهوريين في اليمن. وكان جمال عبد الناصر يتطلع إلى تغيير النظام اليمني منذ سنة 1957، وفي يناير من عام 1962 وجد الفرصة سانحة لتحقيق تطلعاته وذلك بدعم حركة الضباط الأحرار اليمنيين بالإيواء والمال وعلى موجات إذاعة صوت العرب.[17]
ومن بين الأسباب التي أدت بعبد الناصر إلى إرسال القوات المصرية إلى اليمن:
تأثير دعمه لحرب تحرير الجزائر من سنة 1954 إلى سنة 1962.[22][23]
انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.
تدهور علاقاته من بريطانيا وفرنسا بسبب دعمه للجزائريين وكذلك على الأخص بسبب جهوده لتقويض حلف بغداد[24] الذي أدى سقوطه إلى سقوط الملكية في العراق عام 1958.
كان عبد الناصر يعتقد أن قدر مصر هو مواجهة الاستعمار.
نُسب إلى وزير الدفاع المصري حينها - المشير عبد الحكيم عامر - قوله أن وجود جمهورية على أرض اليمن هو أمر حيوي بالنسبة لمصر لضمان السيطرة على البحر الأحمر من قناة السويس إلى مضيق باب المندب.[15]
كان ينظر للحرب في اليمن على أنها وسيلة لكسب النقاط في صراعه مع النظام الملكي السعودي الذي آمن عبد الناصر أنه سعى إلى فك الوحدة بين مصر وسوريا.
في ميدان القتال
العقيد كمال حسن علي قائد العمليات المصري على مكتبه في صنعاء.
أدرك عبد الناصر خلال ثلاثة أشهر من إرساله القوات إلى اليمن أن الأمر يتطلب أكثر مما توقع. وفي بدايات عام 1963 وجد نفسه مضطراً لإرسال المزيد من القوات. وأن ليس هناك بد إلا من مواصلة دعم الثوار مع يقينه بالخلافات التي بدأت بالنشوب بين معسكرالسلال الموالى لناصر وشيوخ الفبائل المؤيدون للثورة لا سيما الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ قبائل حاشد صاحبة الدور الكبير في المعارك، وكان عدد القوات أقل من 5,000 جندي في أكتوبر من عام 1963.[25] وبعد شهرين ارتفع عدد القوات النظامية هناك إلى 15,000.[25] وفي نهاية عام 1963، بلغ عدد القوات 36,000 جندي؛[25] وفي نهاية عام 1964، وصل إلى 50,000 جندي مصري في البلاد.[25] وبلغ العدد ذروته في نهاية عام 1965 ليبلغ عدد القوات المرابطة هناك 55,000 جندي مصري،[26] تم تقسيمهم إلى 13 لواء مشاة ملحقين بفرقة مدفعية، فرقة دبابات والعديد من قوات الصاعقة وألوية المظلات. وقد أرسل السفير أحمد أبو زيد - الذي كان سفير مصر إلى المملكة اليمنية من سنة 1957 إلى سنة 1961 - العديد من التقارير الهامة عن اليمن التي لم تصل إلى وزارة الدفاع المصرية ويبدو إنها ظلت مدفونة في أدراج وزارة الخارجية. فقد حذر السفير المسؤولين في مصر - بمن فيهم المشير عبد الحكيم عامر - أن القبائل اليمنية صعبة المراس ولا تملك أي إحساس بالولاء أوالانتماء للوطن. وعارض السفير إرسال القوات المصرية واقترح دعم الضباط الأحرار اليمنيين بالمال والسلاح. وحذرهم بأن السعوديين سيغرقون اليمن بالمال لتأليب القبائل ضد الثورة.
جندي مصري في الكلية الحربية بصنعاء يعلم طالبا يمنيا إستخدام حربة البندقية
لم يتفهم عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة المصريون أن تمركز قوات مصرية في اليمن - على أبواب المملكة العربية السعودية - سينظر إليه على أنه مسألة حياة أوموت لعائلة آل سعود،[27] وكذلك فأنه سيعتبر زيادة التهديد على القوات البريطانية الموجودة في محمية عدن. ولم تُأخذ هذه العوامل في الاعتبار عندما تم اتخاذ القرار النهائي بإرسال القوات المصرية إلى اليمن. وكان هناك بعد آخر خفي[28] في هذا الصراع إلا وهو رغبة السعودية في أن تصبح القوة المؤثرة في شبه الجزيرة العربية. وقد شكلت القوات المصرية تهديداً لهذا النفوذ التقليدي التي كانت تمارسه السعودية على اليمن وعلى دول الخليج الأخرى.[29]
الخرائط
كان القادة الميدانيون المصريون يعانون من انعدام الخرائط الطوبوغرافية مما سبب لهم مشكلة حقيقية في الأشهر الأولى من الحرب. فلم يستطع القادة وضع الخطط للعمليات العسكرية أو إرسال التقارير الدورية أو الإبلاغ عن الخسائر بدون الإحداثيات الدقيقة للمواقع. وكانت لدى وحدات القتال خرائط تستخدم فقط للملاحة الجوية. وقد أقر مدير المخابرات العامة المصرية صلاح نصر أن المعلومات عن اليمن كانت شحيحة. ولأن مصر لم يكن لديها سفارة في اليمن منذ سنة 1961، فقد طلبت معلومات من السفير الأمريكي في اليمن ولكن كل ما أرسله في تقريره كانت معلومات عن الاقتصاد اليمني.
وكان نقص الخرائط الكافية وعدم معرفة المصريون بأرض المعركة يؤدي إلى استمرار بقاء القوات المصرية في مستنقع اليمن. وكان من بين القواد الذين تم إرسالهم لتنفيذ "العملية 9000" - وهو الاسم الذي أطلقه قادة الجيش المصري على حرب اليمن - لواء مصري واحد من أصل يمني من قبيلة بني سند اسمه طلعت حسن علي. وكان هذا اللواء هو الوحيد الذي يمكن أن يكون له معرفة باليمن.
ولم يعاني السعوديون والملكيون من هذه المشكلة بسبب الارتباط والتزاوج بين القبائل السعودية واليمنية على جانبي الحدود. وبالإضافة إلى ذلك فقد قامت السعودية بإرسال آلاف العمال اليمنيين العاملين في المملكة العربية السعودية لمساعدة الإمام بدر. وكانت الزيادة في أعداد القوات المصرية نتيجة مباشرة للتصعيد السعودي البريطاني ولم يكن نتيجة الواقع على أرض المعركة أو حاجات عسكرية صرفة. وقد أرسل العراق أيضاً العديد من البعثيين اليمنيين على متن الطائرات لزعزعة استقرار نظام الضباط الأحرار اليمني الموالي للمصريين.
دور القوات الجوية
خريطة للمملكة العربية السعودية موضح عليها موقع نجران (رقم 11) وجازان (رقم 10).
ومنذ عام 1962 إلى نهاية الحرب، أدرك قادة الأركان العامة المصرية أهمية الجسر الجوي. ولم يدرك المصريون تأثيره جيداً في اليمن حتى أكتوبر من عام 1963. في هذا الوقت، كان الزعيم الجزائري أحمد بن بلة متورطاً في حرب الرمال مع المملكة المغربية الموالية للولايات المتحدة على قطعة أرض في الصحراء الكبرى أعطيت للجزائر بعد طرد الاحتلال الفرنسي.[30] وكان الجزائريون يمتلكون جيش يعتمد تكتيكات حرب العصابات في مواجهة قوات مسلحة تقليدية. وطلب بن بلة المساعدة من عبد الناصر التي جاءت في صورة كميات ضخمة من الدبابات والعتاد الذي جاء عن طريق البحر والجسر الجوي،[31] والتي جاءت على حسب كلام نتنغ بسرعة وكفاءة عالية من الجيش المصري ومكنت هذه المساعدات الجزائريين من الاحتفاظ بقطعة الأرض المتنازع عليها. في يناير 1964، قام الملكيون بحصار العاصمة اليمنية صنعاء. فقامت ناقلات الأنتونوف إيه إن - 12 المصرية بعمل جسر جوي لنقل أطنان من الطعام والوقود إلى العاصمة المحاصرة. وقدر المصريون تكاليف تجهيز القوات المصرية والجمهورية اليمنية بملايين الدولارات وبالإضافة إلى ذلك فقد قامت موسكو بتجديد مطار الروضة الحربي خارج صنعاء. فقد رأى القادة السياسيون السوفييت أنها فرصة لكسب موطئ قدم في شبه الجزيرة العربية ولذلك قاموا بتدريب المئات من الطيارين الحربيين المصريين للخدمة في حرب اليمن.[32]
موقف قائد سلاح الجو الأردني
في أثناء الحرب، قامت المملكة العربية السعودية والأردن بعقد اتفاقية للدفاع المشترك والتعاون العسكري عُرفت باتفاقية الطائف. وبسبب حوادث لجوء بعض الطيارين السعوديين إلى مصر بسبب رفضهم قصف المواقع المصرية في اليمن،[19][33] التجأ السعوديون إلى الأردن للقيام بالغارات الجوية. وبالفعل ذهب وفد عسكري أردني إلى السعودية يرأسه قائد الجيش حابس المجالي ومعه قائد سلاح الجو سهل حمزة للاتفاق على تفاصيل الضربة الجوية التي سيقوم بها طيارون أردنيون. وكانت الأهداف التي يجب ضربها مطارات صنعاء، الحديدة، وتعز، وتدمير الطائرات والمعدات الموجودة، السفن المصرية في البحر الأحمر المتجهة والعائدة من اليمن، إذاعة صنعاء، محطة الاتصالات اللاسلكية، قلعة حجة، إذاعة تعز، وميناء الصليف شمال مدينة الحديدة.
وبسبب طول المسافة وصغر سعة خزان وقود الطائرات، فقد تم الاتفاق على ضرب الأهداف ثم الاتجاه إلى القاعدة العسكرية البريطانية في عدن لإعادة التزود بالوقود وإكمال تسليح الطائرات وفي طريق العودة يتم ضرب أهداف أخرى.
وفي أثناء زيارة الوفد العسكري غادر قائد سلاح الجو الأردني - سهل حمزة - السعودية إلى عمان بدون إبداء الأسباب وكان في نيته مقابلة العاهل الأردني لمناقشته في جدوى الأمر. وعندما لم يستطع مقابلته. قرر التوجه بطائرته إلى القاهرة لمقابلة عبد الناصر. وقد ذكر سهل حمزة في إحدى الأحاديث الصحفية أنه فكر في الأمر وتوصل إلى أنه إذا رفض القيام به فسيقوم غيره بالمهمة، وإذا امتثل فهو "عار له ولبلده".[34]
مصلحة إسرائيل في الحرب
من الناحية الإستراتيجية، كانت حرب اليمن فرصة لإسرائيل لأنها أجلت خطط المصريين العسكرية لتقوية وضعهم في سيناء، وذلك بتحويل انتباه الجيش المصري إلى نقطة أخرى.[35] وقد كتب المؤرخ المصري حسنين هيكل أن إسرائيل قامت بإعطاء شحنات من الأسلحة كما أقامت اتصالات مع المئات من المرتزقة الأوروبيين الذين يقاتلون بجانب الملكيين في اليمن.[36] وقامت إسرائيل بإنشاء جسر جوي سري بين جيبوتي وشمال اليمن. وأعطت الحرب الفرصة للإسرائيليين لمراقبة وتقييم التكتيكات الحربية المصرية وقدرتها على التكييف مع ظروف المعارك.
القوات الملكية اليمنية وحلفاؤها
مرتزقة بريطانيون في جبال اليمن الشمالي.
الأمير الحسن رئيس وزراء الإمام، يتحدث مع رجال القبائل خارج كهفه، ديسمبر 1962.
وفي عام 1963 وحده، أنفق السعوديون 15 مليون دولار لتجهيز القبائل اليمنية الموالية للملكيين بالسلاح، تأجير المئات من المرتزقة الأوروبيين وإنشاء محطة إذاعية خاصة بهم. وقامت باكستان ببيع بنادق للملكيين وكانت قد رأت فيها فرصة للتكسب من الحرب. وكان يوجد بعض عناصر الحرس الوطني السعودي تقاتل في جيش الإمام. وقامت إيران بدعم الملكيين بالمال فقد وجد الشاه محمد رضا بهلوي أنه يجب عليه دعم الإمام محمد البدر حميد الدين الشيعي الزيدي. وسمح البريطانيون بمرور قوافل السلاح عبر أراضي أحد حلفائهم في الجنوب العربي وهو شريف بيحان الذي كان تحت حماية الإدارة البريطانية في عدن. وقامت الطائرات الحربية البريطانية بعمليات نقل جوية لإعادة إمداد قوات الإمام.
قام الإمام البدر بتشكيل جيشيين - واحد تحت قيادة الأمير حسن في الشرق والثاني تحت قيادته في الغرب. وسيطر الجيشان على معظم شمال وشرق اليمن، بما فيه من مدينتي حريب ومأرب. ولكن عاصمة الشمال، صعدة - التي كانت لتعطي للإمام طريقا إستراتيجيا هاما للعاصمة صنعاء - كانت تحت سيطرة الجمهوريين. وكانت هناك مناطق مثل مدينة حجة، حيث كان الملكيون يسيطرون على الجبال بينما سيطر المصريون والجمهوريون على المدينة وقلعتها. وقد تم إرسال مرتزقة من فرنسا، بلجيكا، وإنجلترا، من الذين حاربوا في روديسيا، شبه الجزيرة المالاوية، الهند الصينية، والجزائر، لمساعدة الإمام في التخطيط للحرب، التدريب وإعطاء للقوات غير النظامية التابعة للإمام القدرة على الاتصال بالسعوديين وفيما بينهم.
كما قام أولئك المرتزقة بتدريب رجال القبائل على استخدام الأسلحة المضادة للدبابات مثل المدفع عيار 106 مليمتر، وكذلك قاموا بتدريبهم على زرع الألغام.[37] ولا يزال عدد المرتزقة الأوروبيين مجهولاً وقدرته المصادر الغربية بالمئات بينما قدرته المصادر المصرية بخمسة عشر ألف مرتزق.[15] وكانت تكتيكات الملكيين محصورة في طرق حرب العصابات لعزل القوات التقليدية المصرية - الجمهورية العربيه اليمنية، والقيام بهجمات على خطوط الإمداد.
مراحل القتال
قسمت قيادة الأركان العامة المصرية حرب اليمن إلى ثلاثة أهداف عملياتية. الأول كان الشق الجوي، وبدأ هذا الشق بطائرات تدريب قامت بعمليات تمشيط كما قامت أيضاً بحمل القذائف وانتهى بثلاثة أسراب من القاذفات المقاتلة، تمركزت بالقرب من الحدود اليمنية السعودية. وقام المصريون بطلعات جوية على طول ساحل تهامة وفي مدن نجران وجازان السعوديتين. وكان هدف هذه الطلعات قصف تشكيلات الملكيين الأرضية وتعويض قلة التشكيلات المصرية على الأرض بالقوة الجوية. وبجانب الغارات الجوية المصرية، كان الشق العملياتي الثاني هوالسيطرة على الطرق الرئيسية المؤدية للعاصمة صنعاء والطرق التي تربطها بالمدن والقرى الرئيسية. وكانت حملة "رمضان" هي أكبر هجوم نُفذ من أجل هذه الشق العملياتي الذي بدأ في مارس من سنة 1963 ودام حتى فبراير سنة 1964، وركز على فتح وتأمين الطرق من صنعاء إلى صعدة في الشمال، وطريق صنعاء-مأرب في الشرق. وكانت نتيجة نجاح المصريين أن الملكيين سيتخذون الهضاب والجبال ملجأ لإعادة التجمع والقيام بالكر والفر.
وكان الشق العملياتي الثالث هوإخضاع القبائل وإغراءهم لتأييد الجمهوريين. وتطلب ذلك إنفاق أموال كثيرة لإمداد القبائل بالمساعدات بل ورشوة زعماء القبائل.[38]
وبقدوم عام 1967، تمركزت القوات المصرية في مثلث الحديدة - تعز - صنعاء للدفاع عنه. وقامت بعمل طلعات جوية لقصف جنوب المملكة العربية السعودية وشمال اليمن. وقد أراد عبد الناصر انسحاباً متزامناً للقوات المصرية والسعودية من اليمن لحفظ ماء الوجه. ولكن هذه الانسحاب جاء عند اندلاع حرب يونيو لسنة 1967، فبسبب طلب عبد الناصر سحب قوات الأمم المتحدة من سيناء[39] ووجود عدد كبير من القوات المصرية في اليمن، تشجعت إسرائيل على القيام بهجوم جريء على ثلاثة دول عربية هي مصر، سوريا، والأردن. وبعد نكسة 67، بدأ العرب في الإتحاد ضد إسرائيل. وقد أعطى ذلك عبد الناصر الفرصة للخروج من اليمن في قمة الخرطوم. ومن سنة 1968 إلى سنة 1971، انسحبت مصر والسعودية ومعهم مئات المرتزقة من اليمن.
حملة رمضان
دمار ناتج عن قصف مصري على مدينة مأرب.
مروحية تم اصطيادها من قبل الملكيين في بداية الحرب.
بدأت حملة رمضان في فبراير من سنة 1963 عندما وصل المشير عبد الحكيم عامر وأنور السادات إلى صنعاء. وقد طلب عبد الحكيم عامر من القاهرة مضاعفة عدد القوات الموجودة إلى 40,000 جندي ووصل منهم 5,000 كدفعة أولى. وفي 18 فبراير تحركت فرقة من 15 دبابة، عشرين عربة مدرعة، 18 شاحنة، والعديد من سيارات الجيب من صنعاء متجهة إلى صعدة في الشمال. وتبعتها العديد من القوات. وبعد بضعة أيام، توجهت فرقة أخرى يتقدمها 350 جندي في دباباتهم وعرباتهم المدرعة من صعدة إلى مأرب في الجنوب الغربي. ولم تتجه الفرقة الأخيرة إلى مأرب مباشرة. بل قاموا بالعبور إلى صحراء الربع الخالي داخل الأراضي السعودية حيث تم تجهيزهم بواسطة جسر جوي ثم توجهوا إلى الغرب. وفي 25 فبراير احتلوا مأرب ثم حريب في 7 فبراير. وقد فشلت قوة ملكية من 1,500 رجل تم جمعهم في نجران في وقف الهجوم عند خروجه من صعدة. وقد هرب قائد الملكيون في حريب إلى بيحان، إلى داخل اليمن الجنوبي الذي كان يحتله البريطانيون.[40] وفي معركة العرقوب، التي تقع على بعد 25 ميل جنوب شرق العاصمة صنعاء، قام 500 ملكي يقودهم الأمير عبد الله بالهجوم على موقع مصري على قمة أحد الهضاب، وكان الموقع يحرسه ست دبابات سوفيتية من نوع تي-54، دستة من العربات المصفحة، ومدافع آلية. فقام المصريون بالرد على الهجوم بالمدفعية وقذائف المورتر وطائرات التمشيط. بينما قام الملكيون بالرد بالبنادق، وقاذف مورتر واحد معه عشرين قذيفة ومدفع بازوكا معه أربعة قذائف. واستمرت المعركة أسبوعاً وكلفت المصريون ثلاثة دبابات، سبع عربات مدرعة و 160 قتيلاً.[41] ولكن المصريون كانوا في مواقع تمكنهم من منع الملكيين من الإمدادات في الجبال شمال وشرق صنعاء.[40] وفي بداية أبريل عقد الملكيون اجتماعاً مع الملك فيصل بن عبد العزيز في الرياض. وقرروا تطبيق تكتيكات جديدة، ومنها الحصول على الإمدادات بالدوران حول المواقع التي يحتلها المصريون باستخدام الجمال بدلاً من الشاحنات لعبور الجبال والوصول لمواقعهم شرق صنعاء. ويمكن لقوافل الجمال أن تدخل الربع الخالي من بيحان إلى اليمن شمال مأرب. وقد تقرر أيضاً تكثيف عمليات الملكيين شرق الجبال بواسطة ثلاثة "جيوش". وفي نهاية أبريل، بدأ الملكيون في استعادة قوتهم وادعوا استرجاع المواقع التي أخذها منهم المصريون في الجوف في الجبال وإنهم أزالوا كل المواقع المصرية ماعدا موقع الحزم كما أدعوا أيضاً استرجاع مدينة البطانة في الغرب.[42]
حملة حرض
في 12 يونيو، قام 4,000 جندي من قوات المشاة المصرية مدعمون بالجيش الجمهوري والمتطوعين من محمية عدن بغزو مدينة بيت عداقة التي تقع على بعد 30 ميلاً غرب صنعاء حيث تمتد جبهة يقودها الأمير عبد الله من طريق الحديدة عبر محافظة كوكبان إلى جنوب حجة. وفي خلال يومين، تقدم الهجوم حوالي 12 ميلاً، قبل أن يتم صدهم بهجوم ملكي مضاد. وقد اعترف الملكيون بمقتل 250 من جانبهم. ثم هاجم الجمهوريون مدينة السودة، التي تبعد حوالي 100 ميل شمال غرب صنعاء. وقد استغلوا قلة شعبية الأمير عبد الله بين القبائل لشراء شيوخها ودخلوا المدينة بلا مقاومة. ولكن بعد مرور شهر، بعثت القبائل بمندوبين للبدر يطلبون العفو ويطلبون منه المال والسلاح لقتال المصريين. وارسل البدر قوات جديدة واستطاع استعادة المناطق المحيطة بالمدينة ولكن ليس المدينة نفسها.[43]
ملكيون في ناقلة بي تي أر-152 سوفيتية استولوا عليها قرب حرض.
وفي 15 أغسطس، قام المصريون بهجوم من قاعدتهم الشمالية الغربية الرئيسية في حرض. وكان عدد القوات يصل إلى 1,000 جندي مصري يصاحبهم 2,000 جندي جمهوري. وكانت الخطة - على حسب رواية المخابرات البريطانية - هي قطع الطريق الجبلي الذي يبلغ طوله 35 ميلاً الذي يربط بين الخوبة على الحدود السعودية ومقر قيادة البدر في جبال القارة، ثم بعد ذلك قسم القوات إلى قسمين، تتحرك واحدة إلى الشرق إلى مقر قيادة البدر والأخرى تتجه إلى الشمال الشرقي عبر الطريق الجبلي إلى الحدود السعودية تحت جبال رازح. وبداً المصريون تحركهم في صباح يوم السبت عبر وديان حرض وتعشر. وفي عصر يومي السبت والأحد هطلت الأمطار بغزارة وغرست آلياتهم المكونة من 20 دبابة وحوالي 40 عربة مدرعة في الوحل. ولم يهاجمهم الملكيون حتى فجر الإثنين. وغادر البدر مقر قيادته في الثالثة فجراً مع 1,000 من رجاله للقيام بهجوم مضاد في مضيق تعشر، بينما هاجم الأمير عبد الله وادي حرض.[44]
وفي هذه الأثناء، خطط المصريون لتحرك منسق من صعدة إلى الجنوب الغربي، تحت جبال رازح، للانضمام مع القوة القادمة من حرض. وقد اعتمدوا على شيخ قبيلة محلية الذي كان من المفروض أن تنضم قواته إلى 250 من قوات المظلات المصرية. ولكن الشيخ لم يحضر لاستقبال المظليين. فاضطروا إلى العودة إلى صعدة وقد خسروا بعضهم بنيران قناصة الملكيين. وبعث البدر بمبعوثين ورسائل لاسلكية في جميع أنحاء البلاد يطلب فيها الدعم. وطلب حضور قوات الاحتياط التي تتدرب في الجوف. وقد وصلت هذه القوات على شاحنات تحمل مدافع عيار 55 و 57 مليمتر ومدافع مورتر عيار 81 مليمتر بالإضافة إلى مدافع آلية ثقيلة بعد 48 ساعة. وقاموا بضرب الصفوف المصرية الغارقة في الوحل داخل الوادي بالمدافع. وقد أعلن الملكيون فيما بعد أنهم دمروا 10 دبابات مصرية وحوالي نصف عرباتهم المدرعة كما ادعوا أيضاً إسقاط قاذفة إليوشن.[45] وقام الملكيون بهجومين آخرين أحدهما على جهينة وقتلوا العديد من ضباط الأركان. والثاني كان محاولة لقصف صنعاء من قمم أحد الجبال القريبة. وقد شارك في هذه العملية خبراء بريطانيون ومرتزقة فرنسيون وبلجيكيون من كاتانغا. وقد قاموا بهجمات خاطفة أخرى من ضمنها غارات على الطائرات والدبابات المصرية في مطار صنعاء الجنوبي وهجوم بقذائف المورتر على أماكن معسكرات المصريين والجمهوريين في تعز.[45]
وعلى الرغم من أن المصريين استطاعوا إخراج البدر من مقر قيادته إلى كهف في الجبال، إلا أنهم لم يستطيعوا اغلاق الطرق من الحدود السعودية. وقد اعلنوا انتصارهم في الحملة في الإذاعة والصحف ولكنهم اضطروا إلى الموافقة على هدنة في مؤتمر اركويت بالسودان في 2 نوفمبر.[46]
هجمات الملكيين
مخيم للملكيين في شمال شرق اليمن.
قام الملكيون بإجهاض أربع محاولات مصرية لفتح طريق مباشر إلى جبال رازح ما بين ديسمبر 1964 وفبراير 1965. وقد خفت حدة هذه المحاولات المصرية تدريجياً، وفقد المصريون 1,000 جندي ما بين قتيل وجريح وأسير. وفي هذه الأثناء كان الملكيون يحضرون للقيام بحملة.[47]
وكان خط المواصلات المصري من صنعاء إلى مأرب يتخذ طريقاً غير مباشر حيث يمر بعمران ثم وادي الخيران حيث يتفرع إلى الشمال الشرقي إلى حرف سفيان. ومن حرف سفيان يتحول جنوباً إلى فرح ثم إلى الجنوب الشرقي إلى وادي الحميدات، المطمة، والحزم. ومن الحزم إلى الجنوب الشرقي إلى مأرب وحريب. وتمر القوافل العسكرية المصرية من هذا الطريق مرتين في الشهر. لأن الملكيين أغلقوا الطريق المباشر عبر الجبال بين صنعاء ومأرب.[48]
وكان هدف الملكيين تحت قيادة الأمير محمد هو قطع هذا الخط لإجبارهم على الانسحاب. وخططوا للتغلب على الحاميات العسكرية المنتشرة على الطريق وإنشاء مواقع لقطع الطريق على المصريين. وقد نسقوا مع قبيلة نهم التي كانت تتظاهر بالتحالف مع المصريين لمساعدتهم على عبور طريق الجبال عير وادي الحميدات. ووعد الملكيون قبيلة نهم بإعطائهم الغنائم. وقد شعر المصريون بأنه يوجد لهم مخطط لأنهم قاموا بإرسال طائرة استطلاع إلى المنطقة قبل الهجوم بيوم. وقد قام الملكيون ينصب رشاشات عيار 75 مليمتر ومدافع مورتر على الجبل الأسود والجبل الأحمر المشرفين على الوادي.[49]
وفي 15 أبريل، بعد أن عبرت آخر قافلة مصرية، قام الملكيون بهجوم مفاجئ. وكان عدد المتحاربين من الجانبين 2,000 لكل منهما. وقامت الرشاشات على الجبلين الأسود والأحمر بفتح النار، وخرج رجال قبيلة نهم من وراء الصخور. ثم خرجت جنود الأمير محمد. وكانت هذه العملية الملكية منسقة باللاسلكي لأول مرة. وقد استسلم بعض الجنود المصريين بلا مقاومة، وهرب آخرون إلى الشمال. ولكن قام الجانبان بإعادة التعبئة والتسليح وتحولت المعركة ما بين حرف سفيان والحزم.[49]
وفي هذه الأثناء، قام الأمير عبد الله بن حسن بغارة على المواقع المصرية في الأعروش شمال شرق صنعاء، وهاجم الأمير محمد بن محسن المصريين بخمسمائة رجل غرب الحميدات، وضرب الأمير حسن بالقرب من صعدة وتحرك الأمير حسن بن الحسين من الجماعة غرب صعدة، إلى موقع يمكنه من ضرب المطارات المصرية بمدافع المورتر. واستسلم خمسون مصرياً في المطمة بالقرب من الحميدات. واضطر المصريون بعد ذلك إلى إمداد الحاميات في الطرق الجبلية التي كان عددها يتراوح بين 3,000 و 5,000 جندي مصري عن طريق الجو.[49]
القمة العربية بالإسكندرية ومؤتمر أركويت
وفي سبتمبر من سنة 1964، تقابل عبد الناصر والملك فيصل في مؤتمر القمة العربية بالإسكندرية.[50] وكان لايزال في اليمن 40,000 جندي مصري وقُتل 10,000 جندي آخر. وفي البيان الختامي للقمة تقرر الآتي:
المساهمة في حل الخلافات بين مختلف الفصائل اليمنية.
العمل سوياً لوقف القتال المسلح في اليمن.
الوصول إلى حل بالطرق السلمية.
وفي 2 نوفمبر من نفس العام عُقد مؤتمر سري في أركويت بالسودان. وأعلن المتحاربون وقفاً لإطلاق النار يسري مفعوله الساعة الواحدة من ظهر يوم الإثنين 8 نوفمبر. وفي 2 و 3 نوفمبر، تناقش 9 مندوبون من الطرفين ومعهم ملاحظين مصري وسعودي حول شروط الاتفاق. وتم الاتفاق على عقد مؤتمر موسع يحضره شيوخ القبائل في 23 نوفمبر. وكان المؤتمر بالنسبة للملكيين نواة مجلس نواب سيقوم بتعيين لجنة تنفيذية مؤقتة تتكون من اثنيين من كل طرف بالإضافة إلى شخص محايد، لحكم البلاد مؤقتاً تمهيداً لأجراء استفتاء عام لتحديد طبيعة نظام الحكم ملكي أم جمهوري. وتقرر تنحية السلال والبدر من أي مناصب رسمية.[51]
ولكن المصريون قاموا بقصف بعض المواقع الملكية يوم 4 نوفمبر، فتأجل المؤتمر الموسع إلى يوم 30 نوفمبر ثم إلى أجل غير مسمى. وتبادل الجمهوريون والملكيون الاتهامات لعدم الحضور.[52]
التعثر
حاولت الإذاعة الملكية إثارة الشقاق بين الجمهوريين عن طريق وعدهم بالأمان بعد انسحاب القوات المصرية من اليمن. وقد وعد البدر أيضاً بتشكيل "نظام دستوري ديموقراطي" محكوم "بمجلس شعب ينتخبه شعب اليمن". وقد لبى عبد الناصر طلب عبد الله السلال عندما طلب منه الدعم العسكري فبعث له الجنود والسلاح على طائرة شحن من القاهرة.
وبحلول شهر أغسطس، كان لدى الجمهوريون سبعة "جيوش"، يتراوح عدد مقاتلي كل جيش ما بين 3,000 و 10,000 مقاتل، ويصل مجموعهم ما بين 40,000 إلى 70,000 مقاتل. وكان يوجد حوالي خمسة أو ستة أضعافهم من رجال القبائل والقوات النظامية تحت قيادة الأمير محمد. وفي بدايات شهر يونيو تحركوا إلى سيروه في شرق اليمن. وفي 14 يونيو، دخلوا القفلة واحتلوا مأرب في 16 يوليو. وطبقاً للإحصاءات المصرية، كانت خسائر مصر من القتلى تصل إلى 15,194 مصرياً.[6] وكانت الحرب تكلف مصر 500,000 دولار يومياً. وخسر الملكيون 40,000 من القتلى.[5]
وفي بداية شهر مايو، عزل السلال رئيس وزراءه الفريق حسن العمري وعين محمد أحمد نعمان بدلاً منه. وكان نعمان يُعتبر معتدلاً ويؤمن بجدوى الحل السلمي. وقد قدم استقالته من مجلس شورى الجمهورية في ديسمبر للاحتجاج على "فشل السلال في تحقيق تطلعات الشعب". وكان من أول قرارات نعمان هو ترشيح 15 شخصية لتولى الحقائب الوزارية التي حرص على أن يتوزعوا بالتساوي بين الزيديين والشافعيين.
مؤتمر خمر، قمة جدة ومؤتمر حرض
مؤتمر خمر
قام نعمان بدعوة القبائل من جميع الفصائل إلى المصالحة الوطنية. وقال في دعوته التي بثت على إذاعة صنعاء أنه سيقابلهم في خمر التي تبعد 50 ميلاً شمال صنعاء لتحقيق "السلام من أجل شعب اليمن". وقال أنه سيرأس وفد الجمهوريين في المؤتمر وأن السلال سيبقى في صنعاء لأقناع البدر بحضور المؤتمر.[53]
ولكن لم يحضر البدر أو أي من قادته الكبار، ولكن حضر بعض من مشايخ القبائل الكبار المؤيدين للملكيين. وعين المؤتمر خمسة شيوخ قبائل وأربعة قيادات دينية في لجنة مكلفة بالمساعدة على الوصول لحل سلمي. وبارك عبد الناصر هذا المؤتمر الذي وعد فيه نعمان الملكيين بانسحاب القوات المصرية. وقالت إذاعة القاهرة أن المؤتمر هو "فجر عهد جديد" وقال السلال أن المحادثات كانت "ناجحة"، ومن جانب الملكيين قال البدر "أنه من الضروري إنهاء الحرب التي دمرت وطننا الحبيب بالمفاوضات السلمية بين اليمنيين".[54] ولكن في أوائل يونيو عندما قال نعمان أن القوات المصرية ستغادر اليمن وسيحل محلها قوات جمهورية ملكية مشتركة. عارض الناصريون الاتفاق. وبعد أن سافر نعمان للقاهرة للاحتجاج لدى عبد الناصر، قام السلال بسجن سبعة وزراء مدنيين في إدارة نعمان. واستقال نعمان وكان تعليقه على الأمر أن "من الواضح أن السلال ورفاقه يريدون الحرب لا السلام". وعين السلال حكومة جديدة من 13 عسكري ومدنيين.[55]
قمة جدة
الشيخ الأحمر يصافح بعضاً من مشايخ بكيل الذين حضروا مؤتمر حرض إلى جانب الوفد الملكي.
كانت رحلة عبد الناصر إلى جدة في 22 أغسطس عام 1965 على متن مركبه الحرية هي أول رحلة له للملكة العربية السعودية منذ عام1956 عندما قام بزيارتها للحج ومقابلة الملك سعود بن عبد العزيز. وقد قام الملك فيصل بالترحيب به ترحيباً كبيراً. وفي خلال 48 ساعة توصل الإثنان إلى اتفاق كامل على الآتي:[56]
انسحاب القوات المصرية من اليمن تدريجياً خلال عشرة أشهر ووقف كل المساعدات السعودية للملكيين.
تكوين مجلس يمني من 50 عضواً يمثلون جميع الفصائل اليمنية ويكون مكلفاً بتكوين حكومة انتقالية تمهيداً لاستفتاء عام لتحديد مستقبل اليمن.[57]
مؤتمر حرض
وفي 23 نوفمبر، التقى الجانبان في حرض. وكانت أول نقطة موضع النقاش هي اسم الدولة المؤقتة التي من المفروض أن تقوم حتى موعد الاستفتاء العام. وأراد كل من الجانبين فرض الدولة التي يريد،[58] فالملكيون أرادوها مملكة اليمن والجمهوريون جمهورية اليمن. وقد تم تأجيل المؤتمر إلى ما بعد رمضان الذي كان سيبدأ بعد أسبوع.[59]
اعتقال مجلس الوزراء اليمني في القاهرة
كان هناك الكثير من الخلافات والمشاحنات بين عبد الله السلال وبين القادة الجمهوريين الآخرين مثل عبد الرحمن الإرياني، حسن العمري، وأحمد محمد نعمان. فقرر عبد الناصر احتجاز السلال في القاهرة لمدة تصل إلى عشرة أشهر أو أكثر. ولكن عبد الناصر سمح له بالعودة في شهر أغسطس من عام 1966. ووصل السلال إلى مطار صنعاء في 13 أغسطس. وكان حسن العمري ينوي استقباله في المطار بالمدرعات ولكن اللواء حسن طلعت قائد القوات المصرية منعه من ذلك. فسافر قادة الجمهوريون إلى تعز وهم مصممون على إيجاد طريقة لإبعاد السلال واقترح بعضهم الذهاب إلى بيروت وإعلان الأمر في مؤتمر صحفي ووصل التفكير ببعضهم إلى اقتراح تصعيد الأمر للأمم المتحدة. ولكن الإرياني اقترح عليهم الذهاب إلى القاهرة لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر لعرض المشكلة عليه. ووصلوا إلى القاهرة يوم 18 سبتمبر. وقابلوا شمس بدران بدلاً من المشير عبد الحكيم عامر. وحدثهم شمس بدران بأنه توجد معلومات عن التخطيط لانفصال على غرار الانفصال السوري. وحدثت مشادة وانصرف الجميع إلى بيوتهم أو إلى السفارة اليمنية. ثم جاءت سيارات إلى أماكن إقامتهم لتقلهم لمقابلة عبد الحكيم عامر - على حسب ما أخبروا به - ولكن في الحقيقة جاءت هذه السيارات لاعتقالهم. وقد بقوا معتقلين في مصر إلى ما بعد حرب سنة 1967.[60][61] سبق أن احتجزت مصر نائب رئيس الجمهورية اليمنية، الدكتور علي البيضاني عام 1963 "ككبش فداء لعودة القوات المصرية لليمن خلال شهر واحد فقط من عودتها لمصر" وهذا كله ما صرح به الدكتور البيضاني لأحد البرامج الأخبارية.
الوضع الاقتصادي في مصر
بحلول عام 1965، كان الدين ال